responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 89
المسألة الخامسة: قدم الإمساء على الإصباح هاهنا وَأَخَّرَهُ فِي قَوْلِهِ: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الْأَحْزَابِ:
42] وذلك لأن هاهنا أَوَّلَ الْكَلَامِ ذِكْرُ الْحَشْرِ وَالْإِعَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِلَى قَوْلِهِ: فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ [الروم: 11- 16] وَآخِرَ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا ذِكْرُ الْحَشْرِ وَالْإِعَادَةِ بِقَوْلِهِ: وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ وَالْإِمْسَاءُ آخِرٌ فَذَكَرَ الْآخِرَ لِيَذْكُرَ الْآخِرَةَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي تَعَلُّقِ إِخْرَاجِ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ عِنْدَ الْإِصْبَاحِ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ مِنْ شِبْهِ الْمَوْتِ وَهُوَ النَّوْمُ إِلَى شِبْهِ الْوُجُودِ وَهُوَ الْيَقَظَةُ،. وَعِنْدَ الْعِشَاءِ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْيَقَظَةِ إِلَى النَّوْمِ، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: يُخْرِجُ الدَّجَاجَةَ مِنَ الْبَيْضَةِ وَالْبَيْضَةَ مِنَ الدَّجَاجَةِ، وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ مِنَ النُّطْفَةِ وَالنُّطْفَةُ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ وَالْكَافِرُ مِنَ الْمُؤْمِنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ أَيِ الْيَقْظَانَ مِنَ النَّائِمِ وَالنَّائِمَ مِنَ الْيَقْظَانِ، وَهَذَا يَكُونُ قَدْ ذَكَرَهُ لِلتَّمْثِيلِ أَيْ إِحْيَاءُ الْمَيِّتِ عِنْدَهُ وَإِمَاتَةُ الْحَيِّ كَتَنْبِيهِ النَّائِمِ وَتَنْوِيمِ الْمُنْتَبِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ وَفِي هَذَا مَعْنًى لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ بِالْمَوْتِ تَبْطُلُ حَيَوَانِيَّتُهُ وَأَمَّا نَفْسُهُ النَّاطِقَةُ فَتُفَارِقُهُ وَتَبْقَى بَعْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً [آلِ عِمْرَانَ: 169] لَكِنَّ الْحَيَوَانَ نَامٍ مُتَحَرِّكٌ حَسَّاسٌ لَكِنَّ النَّائِمَ لَا يَتَحَرَّكُ وَلَا يَحُسُّ وَالْأَرْضُ الْمَيْتَةُ لَا يَكُونُ فِيهَا نَمَاءٌ، ثُمَّ إِنَّ النَّائِمَ بِالِانْتِبَاهِ يَتَحَرَّكُ وَيَحُسُّ وَالْأَرْضُ الْمَيْتَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا تَنْمُو بِنَبَاتِهَا فَكَمَا أَنَّ تَحْرِيكَ ذَلِكَ السَّاكِنِ وَإِنْمَاءَ هَذَا الْوَاقِفِ سَهْلٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ إِحْيَاءُ الْمَيِّتِ سَهْلٌ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ. ثم قال تعالى:

[سورة الروم (30) : آية 20]
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)
لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ عَنِ الْأَسْوَاءِ وَذَكَرَ أَنَّ الْحَمْدَ لَهُ عَلَى خَلْقِ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَبَيَّنَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ بِقَوْلِهِ: فَسُبْحانَ اللَّهِ إِلَى قوله: وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ [الروم: 16- 20] ذَكَرَ مَا هُوَ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَآيَةٌ/ بَاهِرَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَمِنْ جُمْلَتِهَا خَلْقُ الْإِنْسَانِ مِنْ تُرَابٍ وَتَقْرِيرُهُ هُوَ أَنَّ التُّرَابَ أَبْعَدُ الْأَشْيَاءِ عَنْ دَرَجَةِ الْأَحْيَاءِ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَيْفِيَّتُهُ فَإِنَّهُ بَارِدٌ يَابِسٌ وَالْحَيَاةُ بِالْحَرَارَةِ وَالرُّطُوبَةِ، وَمِنْ حَيْثُ لَوْنُهُ فَإِنَّهُ كَدِرٌ وَالرُّوحُ نَيْرٌ، وَمِنْ حَيْثُ فِعْلُهُ فَإِنَّهُ ثَقِيلٌ وَالْأَرْوَاحُ الَّتِي بِهَا الْحَيَاةُ خَفِيفَةٌ، وَمِنْ حَيْثُ السُّكُونُ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ عَنِ الْحَرَكَةِ وَالْحَيَوَانُ يَتَحَرَّكُ يُمْنَةً وَيُسْرَةً وَإِلَى خَلْفٍ وَإِلَى قُدَّامٍ وَإِلَى فَوْقٍ وَإِلَى أَسْفَلَ، وَفِي الْجُمْلَةِ فَالتُّرَابُ أَبْعَدُ مِنْ قَبُولِ الْحَيَاةِ عَنْ سَائِرِ الْأَجْسَامِ لِأَنَّ الْعَنَاصِرَ أَبْعَدُ مِنَ الْمُرَكَّبَاتِ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَ بِالتَّرْكِيبِ أَقْرَبُ دَرَجَةً مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعَنَاصِرُ أَبْعَدُهَا التُّرَابُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِيهِ الصَّفَاءُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْحَرَكَةُ وَكُلُّهَا عَلَى طَبْعِ الْأَرْوَاحِ وَالنَّارِ أَقْرَبُ لِأَنَّهَا كَالْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ مُنْضَجَةٌ جَامِعَةٌ مُفَرَّقَةٌ ثُمَّ الْمُرَكَّبَاتُ وَأَوَّلُ مَرَاتِبِهَا الْمَعْدِنُ فَإِنَّهُ مُمْتَزِجٌ، وَلَهُ مَرَاتِبُ أَعْلَاهَا الذَّهَبُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ أَدْنَى مَرَاتِبِ النَّبَاتِ وَهِيَ مَرْتَبَةُ النَّبَاتِ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الْأَرْضِ وَلَا يَبْرُزُ وَلَا يَرْتَفِعُ، ثُمَّ النَّبَاتَاتُ وَأَعْلَى مَرَاتِبِهَا وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْأَشْجَارِ الَّتِي تَقْبَلُ التَّعْظِيمَ، وَيَكُونُ لِثَمَرِهَا حَبٌّ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِثْلُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ كَالْبَيْضَةِ مِنَ الدَّجَاجَةِ وَالدَّجَاجَةُ مِنَ الْبَيْضَةِ قَرِيبَةٌ مِنْ أَدْنَى مَرَاتِبِ الْحَيَوَانَاتِ وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْحَشَرَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا دَمٌ سَائِلٌ وَلَا هِيَ إِلَى الْمَنَافِعِ الْجَلِيلَةِ وَسَائِلُ كَالنَّبَاتَاتِ، ثُمَّ الْحَيَوَانُ وَأَعْلَى مَرَاتِبِهَا قَرِيبَةٌ مِنْ مَرْتَبَةِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّ الْأَنْعَامَ وَلَا سيما الفرس

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست